
تعتبر مكافأة نهاية الخدمة من أهم الحقوق العمالية التي نص عليها قانون العمل الفلسطيني رقم 7 لسنة 2000 ، كونه الاستحقاق المالي الذي يناله العامل بعد انتهاء علاقة العمل ، حيث من المفترض أن يؤمن هذا الاستحقاق حياة كريمة للعامل الذي أفنى زهرة شبابه في عمله، ليستعين به على العيش بكرامة بعد انقطاعه عن مصدر دخله، كما أن هذا الاستحقاق المالي قد يكون تكريما للعامل بعد انتهاء علاقة العمل، أو جبراً لتقصير صاحب العمل تجاه العامل خلال مدة عمله.
ونصت المادة 45 من قانون العمل على أنه للعامل الذي أمضى سنة من العمل الحق في مكافأة نهاية خدمة مقدارها أجر شهر عن كل سنة قضاها في العمل على أساس آخر أجر تقاضاه دون احتساب ساعات العمل الإضافية، وتحتسب لهذا الغرض كسور السنة.
والمتمعن في نص المادة يرى أن المشرع قد افترض العلاقة الطردية بين قيمة الأجر ومدة العمل، ولكنه ربما لم يأخذ بالحسبان الأوضاع الاستثنائية التي قد ينخفض فيها أجر العامل رغم زيادة مدة عمله لدى صاحب العمل، الأمر الذي سيعرض العامل للظلم عند احتساب مكافأة نهاية الخدمة وفقاً لأجره الأخير.
كما أن المشرع قد يكون جانب الصواب في افتراض حسن نية جميع أصحاب العمل، فعلى سبيل المثال لا الحصر، بإمكان صاحب العمل تخفيض أجر العامل قبل إنهاء عمله بمدة يسيرة، وبالتالي قد يعمل العامل مدة طويلة بأجر مرتفع وفي آخر مدة عمله يتم تخفيض أجره إلى النصف أو أقل بحجج كثيرة، وبالتالي سيحصل العامل على نصف مكافأة نهاية الخدمة أو أقل، وذلك في حال عدم قدرة العامل إثبات سوء نية صاحب العمل في تخفيض قيمة الأجر.
والجدير ذكره أن الاقتصاد الفلسطيني يواجه العديد من التحديات، تتمثل أساسا في سياسة الاحتلال الإسرائيلي التي تضع العديد من القيود لكي تحد من نجاح فرص الاستثمار، بالإضافة إلى سياسة الحصار الجائر على قطاع غزة، الأمر الذي يحتم على صناع القرار إعادة النظر في كثير من مواد قانون العمل التي افترضت واقعاً مثالياً لبلاد مستقرة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وبالتالي فإن هذه المواد والتي من ضمنها المادة 45 لم تراعِ مصالح طرفي الانتاج على النحو الأمثل.
ومما يزيد الأمور تعقيداً، أن مواد مكافأة نهاية الخدمة في قانون العمل لم يحصنها المشرع بعقوبات في حال عدم التزام صاحب العمل بأدائها خلال مدة محددة بعد انتهاء علاقة العمل، وبالتالي سيصبح العامل عرضة للابتزاز في تحصيل حقه في مكافأة نهاية الخدمة، فمن أمن العقوبة أساء الأدب، وفي كثير من الأحيان يلجأ العامل للقضاء الذي قد تطول مدة التقاضي فيه، نظراً لمهارة كثير من أصحاب العمل في التلاعب في إثبات مدة العمل وقيمة الأجر واستنفاد الإجازات وغيرها من الحقوق.